يبدأ تاريخنا الممتد إلى نحو ثلاثين عاما من فبراير من العام 1983 م، لكن العمل الفعلي نشاء دار ا 2 ثار اسلامية بدأ قبل ذلك بكثير، بل يمكن القول أنه بدأ قبل عقدين من الزمن، عندما كان الشيخ ناصر صباح احمد الصباح يتلقى تعليمه في مدينة القدس، وافتتن بالفن الذي كان يشاهده حوله في كل مكان في هذه المدينة العتيقة، أو قبل عقد، عندما بدأ بجمع التحف الفنية من العالم اسلامي، وعندما قررت زوجته الشيخة حصة صباح السالم الصباح أن تتولى المجموعة التي بدأت بالنمو بالرعاية. ولعل أواخر العام 1981 م كانت أفضل وقت لتأريخ انطلاق هذه المؤسسة، وذلك عندما قرر الشيخ ناصر والشيخة حصة تحويل مقتنياتهما الشخصية من التحف إلى معرض لتحف تمثل كافة أطياف الفن في بلاد المسلمين على امتدادها جغرافيا وزمنيا.
في واقع الحال، أن دار ا 2 ثار اسلامية شهدت انطلاقتها اولى في 25 فبراير من العام 1983م، عندما تم افتتاح مبانيها في متحف الكويت الوطني. في ذلك اليوم اغر، يوم العيد الوطني للكويت، عرضت نحو 1200 تحفة أثرية كانت في السابق مبعثرة في أرجاء المعمورة من أوروبا وأمريكا وغيرها من بلدان بعيدة. عادت تلك التحف إلى حيث موطنها اصلي، إلى المنطقة التي أنتجتها ورعتها، وذلك لتتيح الفرصة لمن يعيش على أرض الكويت ولمن يزورها لمشاهدة إبداعات تراثهم، وحضارتهم العظيمة التي تمثل ماضيهم التليد.
صاحب افتتاح دار ا 2 ثار اسلامية صدور كتالوج المعرض الذي حمل عنوان “الفن اسلامي في متحف الكويت الوطني: مجموعة الصباح”، والذي حررته مارلين جينكنز التي كتبت مع مانويل كين بعض نصوصه، مع وصف عام للعصور التاريخية اربعة للفن اسلامي (صدر اسلام، أوائل العصر الذهبي للمسلمين في العصور الوسطى، وأواخره، وأواخر العصر اسلامي)، والسمات اربع الرئيسية للفن من بلاد المسلمين. أما مايكل بيتس، فكتب النصوص المتعلقة بالنميات. كما ضم الكتالوج أيضا أكثر من 130 صورة بديعة توضح حجم المجموعة واتساع مجالها عمقها.
لقد اجتذب المعرض والكتالوج المصاحب له العديد من الزائرين من الكويت وخارجها. فقد قصد المتحف والمعرض زوار جاءوا لمشاهدة المعروضات والتحف، فيما حضر باحثون لدراسة مختلف التحف من حيث سماتها وأزمنتها، فيما صحفيون وكتاب مهتمون بالثقافة، قاموا بزيارة دار ا 2 ثار اسلامية لا ليشاهدوا مجموعة جديدة ورائعة مما أنتجته بلاد المسلمين من فنون بديعة فحسب، بل وليك تشفوا جانبا من الكويت لم يكن يشاهدوه من قبل ذلك.
وفي مقدمة كتالوج معرض “الفن اسلامي في متحف الكويت الوطني: مجموعة الصباح”، تصف مارلين جينكنز دار ا 2 ثار اسلامية بأنها “مجموعة حية”، وتنبأت “بتعاظم محتوياتها وأهميتها في المقبل من اعوام، حيث تسد الثغرات، وتتم تقوية جوانب الضعف فيها، وتضاف إلى تحفها روائع جديدة”، بحيث تصبح أكبر وأكثر شمولية مما كانت عليه في فبراير قبل ثلاثين عاما خلت. وسيلاحظ القارئ، من خلال صفحات هذا الكتاب، أن تنبؤات جينكنز قد تحققت بالفعل.
نبذة عنا
أرشيف
المجموعة الفنیة
الاصدارات
سأظل أتذكر دائما لقائي اول بالشيخ ناصر في متحف المتروبوليتان للفن، في ربيع العام 1978م، وكيف جمع بيننا الحماس لفنون العالم اسلامي، ووطد أواصر الصداقة بيننا منذ ذلك اللقاء اول. وكان الشيخ ناصر قد جاء إلى نيويورك لزيارة والدته في المستشفى، فعرفني إليه أحد اطباء المشرفين على علاجها، وكان يعلم بعشق الشيخ ناصرّللفن اسلامي، وكان بالمصادفة أحد الذين رافقتهم في جولة خاصة في القاعات المخصصة للفن اسلامي في متحف المتروبوليتان، قبل افتتاحها في العام 1975م.
وفي أواخر العام 1981م، طلب الشيخ ناصر مساعدتي في إنشاء متحف يضم مقتنياته الخاصة من تحف الفن اسلامي. ومنذ ديسمبر العام 1981م وحتى فبراير العام 1983م، قمت باشراف على خطوات عديدة، تم ذكرها باستفاضة في سياق آخر، كانت ثمرتها ولادة دار ا2ثار اسلامية. وغني عن الذكر، أن تلك الفترة كانت من أكثر فترات حياتي تحديا وثراء من الناحية اكاديمية.
ورغم أنني التقيت بالشيخة حصة خلال رحلتي اولى الكويت في خريف العام 1978م، إلا أن صداقتنا الحقيقية لم تتوطد إلا عندما بدأنا العمل معا خلال فترة تنفيذ المشروع. ففي أحد ايام، وبينما كنت أعمل في تصنيف المجموعة في دارتهم، عرضت علي الشيخة حصة المساعدة، فقلت لها إن جل ما أحتاج إليه هو المساعدة في ترقيم وقياس القطع الفنية الموجودة في المجموعة. وعلى الفور، وبحماس شديد، قبلت المهمة. وكانت تلك هي اولى من بين مهام عديدة أخرى قامت بتنفيذها خلال سنوات التكوين اولى. ولم يستغرق امر كثيرا من الوقت لتصبح الشيخة حصة المشرف العام لتلك المؤسسة التي كنا نبنيها سويا. أما بقية القصة، فهي تاريخ… تاريخ تثيره الذكريات لاحقا!
د. مارلين جنكينز-مدينة
أمينة متحف فخرية
قسم الفن اسلامي
متحف المتروبوليتان للفن